الوصية
الحلقه 1
من خادمة إلى ملكة هكذا هي الاقدار تغيرك من حال الى حال من بؤس وشقاء الى رفاهية والعكس. فكل انسان ياخذ من الدنيا ماكتبه الله له. فلا تستهن بالقدر فهو قد يخبء لك مالا تتوقعه في عز شؤمك... وهذا مافعله بنورهان التي لم تبلغ سوى 26 عمرا انقلبت حياتها رأسا عن عقب يوم ورثت ثروة هائلة من حيث لاتدري.
نورهان لم تعش حياة عادية منذ صغرها تربت تحت جناح اسرة معدمة فقيرة علمتها معنى الإحتياج والعوز وقتل الطموح والاحلام.. فلم تتلقى التعليم الكافي كباقي الفتيات اللواتي في عمرها. .اذ كانت هي من تساعد والدتها في تربية إخوتها الستة وبالتالي لم تعش طفولتها كإخوتها بل كانت تتحمل عنهم مسؤولياتهم وتلقى الإهانة بدلا عنهم ان اخطأ احدهم او تصرف تصرفا ازعج به والديها. حتى بلغت 18سنة فغصبها والدها على الزواج من ابن صديقه الذي يكبرها بعشرين سنة.
كانت نورهان لم تبلغ الذكاء والنضج الكافي لتعطي رأيها بالرفض او ماشابه ذلك من اقناع والدها عن العدول على طلبه . بل قبلت ظنا منها هذا من إحدى واجباتها التي تحتم وتفرض عليها كالسابق . ولم تعلم إلى اي مدى ستنكسر اكثر بقبولها الزواج وهي مازالت لم تستوعب بعد معنى كلمة زواج ومسؤولية مخالفة مما إعتادت عليه.
لم يطل الامر كثيرا وتزوجت فعلا نورهان من عاصم وكم تفاجأت من تغيير البيئة والنمط التي اصبحت تعيش فيه مابين ليلة وضحاها .
بحكم عاصم انه يعمل خارج البلدة التي تقطن بها نورهان تحتم عليهما السفر سويا إلى مدينة تبعد كثيرا عن بلدتها . هنا من البداية كانت نورهان ليست على سجيتها وخاصة عندما انتابها الخوف وهي بمفردها مع زوجها عاصم في بيتهما المأجور الجديد .
كان عاصم يريد في اول ليلة يقضيها مع نورهان ان تتم الامور في اسرع وقت ممكن يتعامل معها كأنه عاش معها من قبل لعدة سنين. لذى لم يكن معها لطيف او ودي وبدون مقدمات. اراد ان يبرهن ويثبت لنفسه انه رجل رجل على حساب براءة وهلع الفتاة منه... وكم كان دون قلب يوم اخذ ما اراده منها. ثم تركها تذرف دموع الوجع والانكسار ليشعل سجارة الانتصار مبتسما انه كان قد ماتنص عليه قوانين الرجولة بمعتقداته.
من ذلك اليوم المشؤوم بدل ان يكون اجمل يوم بحياة نورهان .اصبحت تكره عاصم وتشمئز من تصرفاته معها... كان يطلب منها امورا فوق طاقتها حتى وان كانت زوجته فكل انسان له قدرته على التحمل. كما انه كلما رآها ترتاح او تأخذ قيلولة يأمرها بالنهوض في الحال كي تخدمه من استحمامه و غسل ثيابه عدى طبخ اكله المفضل غذاء وعشاء وما ان ينتهي اليوم حتى تكون نورهان في اتم تعبها وإرهاقها وكأنها تخدم جيشا وتمنت لو انها بقيت مع اخوتها افضل تخدمهم بعيونها. على الاقل انها تجد بسمة حضن حب دون مقابل من قبلهم .
وهكذا يوم وراء الاخر لم يغير عاصم من طبعه. سوء تعامله وكثرة طلباته وانفعالاته وتقلب ميزاجه مع زوجته بل تمادى الى اكثر من ذلك لان يصل به الحد ان يمد يده عليها ويعنفها باقبح الكلام ويضربها ضربا مبرحا. وكأن هذا الرجل جاء ينتقم من هذه الفتاة وليس يبني معها اسرة سعيدة كبقية اماني الازواج.
مر على نورهان شهرا وهي على نفس الوضع فلم تعد تتحمل. لذى طلبت من زوجها عاصم ان تزور عائلتها فهي إفتقدتهم واشتاقت لإخوتها. ولكنه منعها منعا باتا وطلب ان لاتذكر ذلك ثانية حتى يحدد هو متى سيزوران بلدتهما.
لم يكن بيد نورهان حيلة حتى تدفع عن نفسها بلية زوجها. فما كان لها سوى ان تصبر لافعاله التي لاتغتفر معها وتواسي نفسها بالدعاء والبكاء المرير ربما هذان الشيئان الوحيدان فقط ماكانا يخففان عن قلبها الكدر والحزن الشديد. .
مر شهر واثنان وثلاث حتى في يوم طلب عاصم من نورهان ان تجهز نفسها فهما سيقومان بزيارة والديهما ويعودا بعد يومين فقط..
لم تبدي نورهان اي رأي من طرفها رغم انها تفاجأت فالمدة القصيرة للزيارة ودت لو انها تمكث مابين اسرتها اكثر. لكن لانها تعلم جيدا لو جادلته سيلغي السفر كما فعل ذلك سابقا بمعاقبتها. ففضلت الصمت وكم كانت سعيدة فاخيرا ستزور اهلها بعد الكم الهائل من التعب النفسي الذي لاقته من طرف زوجها عاصم.
يتبع