اميرة_سمرقند
الجزء الثامن والاخير
رجوع الفتى خلدون
ذهلت فيروز وصاحت:بضعة شهوووور!!!!...أنا لن أطيق العيش هنا ليومٍ آخر ... أرجوك ارحمني، وأطلق سراحي..كان عبيدة يحمل طائراً صحراوياً مذبوحا .. فقام برميه عليها وقال :سأغيب طوال اليوم .. وسأترك النار مشتعلةً فلا تدعيها تخمد ..حاولي أكل شيئٍ من الطعام فأنتي لم تتذوقي شيئاً منذ يومين،.ومرةً أخرى ترك عبيدة زوجته..فأمضت النهار بطوله جالسةً لا تفعل شيئاً حتى كاد الملل والجوع أن يفتكا بها، فنظرت الى الطائر المذبوح..ولم تعد تتحمل الجوع أكثر من ذلك حتى مدت يديها ونتفت ريشه ..ثم شقّته بحجرٍ مسنن وهي تشعر بالغثيان كلما نظرت إليه ..ثم قامت بشواءه على النار وتناولت لحمه غير الناضج وغير المملح وهي تبكي لأنها مضطرةٌ الى ذلك وإلا انهارت من الجوع..
وحالما عاد عبيدة مساءاً وهو يمسك بلجام فرسه ، حتى هرعت إليه فيروز وهي تتوسل به أن يعيدها الى سمرقند ، ليس لأجل الطلاق ، فهي كانت قد نسيت موضوع التحدي نهائيا ، ولكن لأنها قد اشتاقت الى أبيها وتتمنى أن تراه ..حينها..أركبها عبيدة الفرس ثم انطلق بها حتى دخلا سمرقند، فتوّجه بها الى القاضي الشرعي وأجلسها عنده..ثم خرج عبيدة وعاد ومعه رجلين ملثمين وقال :هذان الرجلان سيشهدان على طلاقي منك أمام القاضي.. وعندما أراد عبيدة أن ينطق بكلمة الطلاق.. إذا بفيروز تصرخ به :لااااااا...... لا تفعل..قال:لماذا ؟؟ أليس هذا ما تريدينه ؟؟
أجابت :لم ينقضي اليوم الثالث لزواجنا بعد ..فلو طلقتني وعدتُ الى أبي.. فسأكون قد فزتُ في التحدي ..وسيضطر أبي الى الإيفاء بوعده ويعتذر لي بنفسه في الشوارع ..ثم أمطرت عيناها الدمع بغزارة وهي تشهق تقول :مسكين أبي... لو يعلم كم أحبّه وكم كنتُ حمقاء لأنّني عصيت كلامه ،ووقفت بوجهه ..وهنا.. قال أحد الشاهدين:إنه يعلم الآن..ثم أماط ذلك الشاهد عنه اللثام فإذا هو الملك نفسه !!!! صاحت فيروز بدهشة الفرح ، وركضت نحو أبيها تقبّل يديه ، ويقبّل هو رأسها ..
هي تقول سامحني وهو يقول سامحيني .. ودمعهما يجري تأثّراً ..أما عبيدة فقد أزال عنه اللحية والشعر الكثيف .. فإذا هو الامير خلدون !!!وفيروز لم تستطع تمييزه لأنها لم تقابله سوى مرة واحدة من قبل ..فازداد عجب الاميرة على عجب...فأخبرها أن الملك طلب منه دخول سمرقند من بوابتها الوسطى ليزوجه فيروز ويحملها للعيش في الصحراء ، ،ودبّرا هذه الحيلة معا الملك ..وأنه كان قد هيّأ سلفاً الموقع الذي سيصطحبها إليه ..وكان قد جهز الموقع بعددٍ من لفائف الطعام ودفنها كي يستفاد منها ،تماماً كالصرة التي تحوي الخيمة..
وعندما كان يتركها هناك ... فإنه في الحقيقة لم يكن يبتعد كثيرا ..بل كان يختبئ بين الرمال وتحتها ليراقب الاميرة ويحرسها ..وأن أصوات العواء التي كانت تسمعها.. ما هي إلا صوته هو !!! هنا ادركت الاميرة مدى ما سببته من الأذى لمن حولها بسبب غرورها وعجرفتها ..ومقدار الجهد الذي بذلوه حتى جعلوها ترى نفسها وتدرك حقيقتها ومدى قبحها ..فاعتذرت للجميع وأسرفت في الاعتذار.. بحق كل من أسائت إليهم..أما أمر زواجها من خلدون.. فقد استمر ولم ينتهي بالطلاق ..
النهاية......